تـحـيــّة السفيـر:

بــسم الله الرّحـمن الرحيم

أعزّائي أفراد الـجالية الوطنية،

أخواتي العزيزات، إخواني الأعزّاء،

يسعدني أن أخاطبكم اليوم، أوّلا وقبل كل شيء، لأنقل إليكم التحيّات الأخوية للسيد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، الذي اتّـخذ إجراءات غير مسبوقة وذات أهمية قصوى لصالح الجالية الوطنية في الخارج، لاسيما لضمان كرامتها الانسانية وحماية مصالحها المعنوية والمادية، كما أودّ أن أزفّ إليكم تحياتي الشخصية الحارّة.

 لقد حَلَلْتُ منذ فترة كضيف على مدينة رومـا الأبديّـة، عاصـمة بلد ذا جوانب تاريخية لاحصر لها، كلّ منها آسرٌ ومثيٌر للإعجاب أكثر من الآخر، وعلى سكّانها المضيافين وعلى أخواتي وإخواني الجزائريين المقيـمين بهذا البلد الرائع. وإنّه لشرف عظيم بالنسبة لشخصي المتواضع، أن أكلُّفَ بخدمة بلدي الجزائر وتمثيلها على أرض شريك تاريخي واستراتيجي كإيطاليا.

لقد أَمْلَـتْ عليَّ الظروف الموضوعية التي ميّزت ميعاد وصولي إلى روما أن أُولي كامل اهتمامي للالتزامات الـمُلحّة ذات الصلة بمهمتي كسفير، وعلى رأسها الانتخابات الرئاسية لـ 12 ديسمبر 2019، التي بلورت آمال وتطلّعات شعبنا الأبـيّ، الذي استطاعت الجزائر بفضل حسّه الوطني العالي من التغلب على المحن وفتح صفحة جديدة في تاريخها المليء بالأمل والإيمان بغد أفضل للجميع، في كنف “جزائر جديدة”.

إنَّ استحضار هذه المرحلة الحاسـمة، التي وَضعت الجزائر مرة أخرى أمام مصيرها والتي أصبحت الآن جزءا من ماضيها، يُتيح لي الفرصة لأعبّر لكم عن خالص الشكر والعرفان لـمشاركتكم التامة في سيرورة العملية الانتخابية. إنّ إيمانكم الكبير بمستقبل بلدنا ورغبتكم الراسـخة في الحفاظ عليه يستحقّ فعلا التحية والتقدير.

هذا وبالرّغـم من أنّ التحديات لازالت قائـمة، إلا أنّ الجزائر تمتلك الوسائل والـمُؤهّلات اللازمة لمواجهتها، إذ تمّ استيفاء جميع الشروط التي تسمح لكل أبناء الوطن حيثما وُجدوا بأن يتّحدوا ويلتفّوا حول المصالح الوطنية الأساسية لبناء جزائر الغد، التي ستنعم فيها الأجيال الجديدة بالتطور والازدهار الكاملين.

وهو المستقبل الواعد الذي تطمح إليه بلادنا والذي تستطيع حتما بناءه، بمشاركة شركائها الاستراتيجيين، الذين سبق وأبدوا استعدادهم للمساهمة في تحقيق الانتعاش الاقتصادي والاجتماعي للجزائر على أساس المنفعة والمصلحة المتبادلة، وفي مقدّمتهم الشريك الإيطالي.

تصبو الجزائر إلى تعزيز شراكتها الإستراتيجية مع إيطاليا والارتقاء بها إلى آفاق أرحب بما يحقّق المصلحة المشتركة للبلدين، وهو ما تمّ على أساسه تبنّي خطة عـمل مدعومة بجدول زمني مُحدّد، كان من المفروض تنفيذها بسرعة، لولا إملاءات الأزمة الصحية العالمية لفيروس كورونا المستجدّ، والذي بالرّغم من النتائج الإيجابية الملموسة للإجراءات الحازمة المتخذة في الجزائر وغيرها من البلدان لمواجهته والتصدي للتحديات المترتبة عنه، لايزال قائما بل وقد شهد في الآونة الأخيرة تصاعدا مثيرا للقلق.

يتجلًّى التصميم لمنع الفيروس من الاستمرار في العمل لفترة أطول، ومواصلة النشاط البشري في جميع المجالات لاسيما الاقتصادية والاجتماعية منها، من خلال تمديد فترة رفع الحجر الصحي بشكل تام، مع الحفاظ على التدابير الوقاية اللازمة. في هذا السياق، من المتوقّع أن يشهد الرّباعي الأخير من عام 2020 زخما في النشاطات الثنائية بما يسمح للتعاون الجزائري الإيطالي بتحقيق تطلّعات البلدين وشعبيهما.

على الصعيد الوطني، سيشهد الثلاثي الأخير من العام الجاري حدثًا هامًا آخر، حيث وقع اختيار السلطات العليا في البلاد على اليوم التاريخي للفاتح من نوفمبر 2020 كموعد لإجراء الاستفتاء على مشروع تعديل الدستور بغاية وضع حجر الأساس لبناء “الجزائر الجديدة”.

أيتها الأخوات والإخوة الأعزّاء المقيـمين بإيطاليا، أنتم مدعوُّون مرة أخرى لتعبئة أنفسكم ، كما سبق لكم القيام بذلك آنفا وفي العديد من المناسبات، من أجل إنجاح هذا الموعد الانتخابي الحاسم لمستقبل بلادنا، من خلال الوفاء بأداء واجبكم الوطني والذي ستساهمون من خلاله في وضع معالم ملموسة لتعميق العملية الديمقراطية وبناء اقتصاد وطني أكثر حداثة وازدهارًا.

أيّها الجزائريون الأعزّاء المقيـمون بإيطاليا، أودّ هنا أن أقدّم لكم كلّ الضمانات بأنكّم ستكونون موضع اهتمام أكبر ومستـمر للمصالح القنصلية في روما وميلانو على حدّ السواء، حيث سيكون الطاقم القنصلي وعلى رأسه السيد القنصل العام علي رجّال في خدمتكم، وهو ما سأحرص عليه شـخصيا وبصرامة، كما سأبقى أنا شخصيا تحت تصرّفكم.

إن الإصغاء الذي يسعى مُمثلو الجزائر في إيطاليا لإظهاره لكم بشكل يومي، قد تمّ توضيحه بإسهاب، خصوصا من خلال الجهود المبذولة لتقديم المساعدة المعنوية والمادية للمواطنين العالقين بإيطاليا بسبب تعليق الرحلات الجوية من جهة، ولضمان عـملية إجلائهم في ظروف جيدة، من جهة أخرى.

لقد نظّمت السلطات الجزائرية ما لا يقل عن 150 رحلة جوية لجـميع القارّات، لإجلاء قرابة الـ 30 ألف مواطن. فيما يخصّ إيطاليا، قد تم تنظيم ثلاثة رحلات جوية (23 جويلية، 25 و 31 أوت 2020) وإجلاء 250 مواطنًا إلى أرض الوطن.

لايزال بعض المواطنون القلائل، الذين لم يتمكّنوا من العودة إلى البلاد خلال عمليات الإجلاء السابقة، يعبّـرون بإلحاح عن رغبتهم في العودة إلى الجزائر، وهو ما نحاول جاهدا تحقيقه بالتنسيق مع السلطات المختصة وبالطريقة الأنسب، خاصة وأن الوضع المرتبط بالأزمة الصحية العالمية يتطوّر على نحو يُوحي بالعودة تدريجيا إلى الحياة الطبيعية، على الرغم من استمرار بعض القيود.

في سبيل تقريب الخدمات العامّة من المواطنين، وفي أعقاب ما تمّ القيام به سابقًا في هذا الصدد، سيتمّ تنظيم مهمّة قنصلية متجوّلة قريبًا لتلبية احتياجات المواطنين الذين لا يستطيعون التنقّل إلى المصالح القنصلية لروما وميلانو لأسباب مختلفة، وسنحرص على تكرار هذه العملية بانتظام خصوصا بالنسبة لأفراد الجالية المقيـمين بجنوب إيطاليا، وذلك اعتمادًا على خطة عمل المصالح القنصلية.

كما سيتمّ إطلاق مبادرات في أقرب وقت ممكن، لبحث إمكانية التكفّل بمشاغل أعضاء الجالية الوطنية المقيـمة بصقلية على وجه الخصوص، لاسيما المتعلّقة بمسألة الروابط الجوية و/ أو البحرية بين الجزائر وصقلية، من جهة، ووضع المواطنين الجزائريين المقيـمين بجنوب إيطاليا بشكل عام، من جهة أخرى.

بهدف تعزيز أواصر الأخوة والتضامن بين أفراد الجالية الجزائرية المقيـمة بإيطاليا وإنشاء قنوات وأدوات اتصال للعمل المنتج لفائدتها وفائدة الجزائر، سيتم أيضا إطلاق مبادرات لتوطيد وتنظيم الحركة الجمعوية الموجودة حاليا بشكل أفضل، وهو ما سيتم تنفيذه بالتشاور معكم ومن أجلكم.

في انتظار الاستمتاع بزيارتكم، كما كان الحال شهر جويلية الفارط بباليرمو ،أين أُتيحت لي فرصة لقاء ممثلين عن الحركة الجمعوية، أودّ أن أؤكد لكم ببالغ الصدق والإخلاص استعدادي للتواصل معكم بروما وغيرها من المدن الإيطالية كلما سمحت الظروف بذلك، كما سأكون دوما تحت تصرفكم وفي خدمتكم، لنخدم معا وبشكل أفضل وطننا الجزائر.

على أمل لقائكم قريبا، تقبلوا مني أخواتي العزيزات، إخواني الأعزاء، أطيب التحيات وخالص التمنيات بالخير الوفير لكم ولعائلاتكم، والسّلام عليكم ورحـمة الله تعالى وبركاتـه.

أحـــمد بوطاش